کد مطلب:281461 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:201

موقف الناس من الإمام
هل كل المؤمنین بالإمام المهدی علیه السلام فی هذا الیوم سیؤمنون به حین خروجه؟

قد یكون هذا السؤال غریباً، فكیف لا یؤمن بالإمام من كان بانتظار ظهوره وخروجه؟.

والجواب: إذا طالعنا الروایات التی تتحدث عن نهضة الإمام نجد أنها تتحدث عن خروج مجموعة كبیرة ممن یعتبرون أنفسهم من الموالین التابعین لمنهج الرسول وآله الأطهار، علی الإمام المهدی علیه السلام حین قیامه وخروجه حیث یتهمونه بالكذب والسحر، ویقولون له: یابن فاطمة ارجع من حیث أتیت فلا حاجة لنا فیك. فیجرد الإمام سیفه ویحمل علیهم ویبیدهم عن بكرة أبیهم.

كما وأن هناك طائفة من الروایات تتحدث عن خروج بعض أدعیاء العلم علی الإمام، حیث یكونون من ألدّ أعدائه ویفتون بقتله والبراءة منه، فیقفون فی وجه الإمام رغم مشاهدتهم لمعاجزه وكراماته وبیِّنات إمامته فیفترون علیه ویكذبونه فیبدأ الإمام بهم أولاً قبل الآخرین كما تقول الأخبار: - یبدأ بقریش فلا یعطیهم إلاّ السیف ولا یأخذ منهم إلاّ السیف-.

وهنا نتساءل لماذا هذه الحملات العشوائیة علی الإمام، فهل هناك عداوات قدیمة أم هناك أهواء وأطماع ومصالح أضحوا محرومین منها بسبب خروج الإمام مما یدفع بهم إلی القیام ضد الإمام وتكذیبه؟

لیس الأمر واضحاً، إلا أن هذا لا یعنی أن كل المنتظرین للإمام یقفون ضده علیه السلام بل هناك قسم كبیر من السادة والعلماء والفقهاء وعدد غفیر من الموالین والمحبین یساندون الإمام علیه السلام ویدعمون موقفه ویكونون من أفضل أنصاره وأتباعه ومن أحسن المجاهدین بین یدیه فی قبال تلك المجموعة التی تدعی محبة أهل البیت والولاء لهم ولكنهم یقفون ضده ویؤذونه بشدة بحیث یلاقی الإمام منهم ومن غیرهم الأذی أكثر مما لقی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم من قومه حین الإعلان عن رسالته السماویة وذلك بما یؤولون علی الإمام أمر الله وكتابه.

ولكن نتساءل هل یعقل أن یحدث ذلك؟

أجل إذا راجعنا التأریخ إبّان الدعوة المحمدیة، نلاحظ أن قریش كانت ترفع رایة العداء والمخاصمة ضد الرسول الأكرم، فی حین كان من المفروض أن یكونوا أول المؤمنین به لأن الرسول كان منهم ومن نفس العشیرة إلا أنهم كفروا به وكذبوه بل كانوا من أشد المستهزئین به والمنكرین لدعوته والمفترین علیه بالكذب والسحر، وكان ما كان من أمر أحد أقرباء الرسول صلی الله علیه و آله و سلم، حیث نزلت فی تقبیح أفعاله سورة كاملة بقول الله تعالی: (تَبَّتْ یَدَا أبی لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَی عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سَیَصْلَی نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِی جِیدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) .

وإذا تصفحنا أوراق التاریخ لشاهدنا أن بعض الذین خرجوا لقتال الإمام الحسین علیه السلام فی كربلاء كانوا من المتجاهرین بمحبته ومن الذین أرسلوا الرسائل إلی الإمام قائلین له أقبل إلینا یابن فاطمة فإنما تقدم لك علی جنود مجنّدة.

وكأن التأریخ یعید نفسه من جدید وهذه المرة مع الإمام الحجة فالبعض ممن یكفرون بالإمام حین خروجه هم ممن كانوا ینتظرون قدومه من الذین كان متوقعاً أن یكونوا أول المدافعین عنه إلا أنهم یكونون أول المستهزئین به حین یدعوهم إلی الإیمان. ومما یحز فی النفس أن یجد المرء هذا الموقف المخزی من هؤلاء ضد الإمام علیه السلام، بینما تجد أن من الناس الذین لا یعرف عنهم الیوم انهم من الموالین والمنتظرین یؤمنون به ومن عبدة الشمس والقمر یُسلِمون له حیث تصرح الروایات قائلة عن أبی عبد الله علیه السلام یقول - إذا خرج القائم علیه السلام خرج من هذا الأمر من كان یُری أنه من أهله ودخل فیه شبه عبدة الشمس والقمر-.

أجل فكما آمن بالرسول أهل المدینة ودافعوا عنه ونصروه رغم أنهم لم یكونوا من أقربائه كذلك یؤمن بالإمام المهدی شبه عبدة الشمس والقمر.

ومثلما آمن بالإمام الحسین علیه السلام زهیر بن القین وكان عثمانی المذهب، ووهب وكان نصرانیاً، والحر وكان من قادة الجیش المعادی، ودافعوا عنه حتی الشهادة. كذلك یؤمن بالإمام المهدی أناس من طوائف شتی بل وحتی ممن هم الیوم من الكفار والمشركین والمثل المعروف یقول: (ما عشت أراك الدهر عجباً).

إن هذا لا یعنی بالطبع أن كل المنتظرین لا یؤمنون بالإمام المهدی(عج) وإنما تكون هناك مجموعات وفئات یدّعون الولاء لأهل البیت ولكنهم أبعد ما یكونون من الرسول وأهل بیته، فإن التظاهر بالولاء لیس دلیلاً علی حقیقة الإیمان بالرسول وأهل بیته، وإنما یجب أن یترجم إلی واقع عملی لیكون مصداقاً واقعیاً فی الإیمان بالرسول وأهل بیته وإلا فهو نفاق وفسوق وكثیر من الناس تظهر حقائقهم عند مجیئ الإمام الحجة حیث انه أكبر امتحان للمدّعین بالانتظار والولاء لأهل

البیت علیهما السلام.

وقد یكون قسم كبیر من هؤلاء هم ذراری بنی أمیة وأبناء أبی سفیان وآل زیاد وآل مروان وهؤلاء فی الحقیقة من أعداء الإمام الحجة حین خروجه ولذلك تبرز وتظهر مكامن حقائقهم فیعادون الإمام فیحاربهم الإمام الحجة ویبدأ بقتلهم والانتقام منهم ولا یشفع لهم التستر والتظاهر بالولاء لأهل البیت لأن الإمام الحجة عجّل الله فروجه یتعامل معهم وفق واقعهم وحقائقهم لا حسب إدعاءاتهم. وقد یكون كثیر من أبناء بنی أمیة لا یعرفون نسبهم بسبب إخفاء آبائهم لنسبهم لأبی سفیان وبنی أمیة خوفاً من الانتقام منهم لما ارتكبوه من جرائم وحشیة بحق آل الرسول الأكرم ولذا عشعشوا وتكاثروا فی المجتمع دون أن تعرف أنسابهم الحقیقیة ولكن روح المنابذة والمخالفة لآل الرسول الأكرم یعشعش فی قلوبهم وضمائرهم وتبرز هذه الأحقاد والضغائن فیهم عندما ینهض الإمام الحجة علیه السلام فیكفرون به تحت عناوین كاذبة وهم قد كفروا أول مرة به فی عالم الذر ولذا فإن الموالین المنتظرین حین خروج الإمام یمیزون وینقسمون فمن سبقت له العنایة الإلهیة من قبل یؤمن بالإمام علیه السلام ومن كان فی قلبه ذرة من الحقد والحسد والكبر یكون من الكافرین به وإن ادعی الولاء لآل الرسول صلی الله علیه و آله و سلم.

یقول الإمام الصادق علیه السلام: -... وكذلك القائم فإنّه تمتد أیام غیبته لیصرح الحق عن محضه ویصفو الإیمان من الكدر بارتداد كل من كانت طینته خبیثة من الشیعة الذین یخشی علیهم النفاق إذا أحسّوا بالاستخلاف والتمكین والأمر المنتشر فی عهد

القائم علیه السلام -.

إذن فلیس كل من ادعی الولاء والانتظار بخیر، كما لا یمكن لأحد أن یجزم بأن كل طائفة من البشر أو أی فرد لا یعرف عنه الیوم الإیمان والولاء وادعاء الانتظار سیختم لهم بسوء المصیر عند خروج القائم عجل الله فرجه، وساعة الخروج للإمام المهدی هی ساعة الامتحان الحقیقی للناس فمنهم من یؤمن ومنهم من یكفر ومن كفر فإنما یكفر بقیمه ومبادئه ومن ضل فإنما یضل علی نفسه، وقدیماً قیل: عند الامتحان یكرم المرء أو یهان.